اخر الاخبار
الأثنين. ديسمبر 29th, 2025

رجاءا .. لا وقت للخلاف … المعركة والمصير أكبر ..

بقلم : وزير الثقافة موسى سلمى لعبيد

لقد أثبتت تجارب الشعوب عبر التاريخ ، أن أخطر ما يمكن أن يفتك بالقضايا العادلة ليس فقط قوة العدو او كثرة الخصوم ، بل تشتّت الصف الداخلي ، والانشغال بصراعات ثانوية جانبية تُهدر الزمن وتستنزف الطاقات . فالخلافات مهما كان مصدرها أو مبرّرها عادة ما تخدم – عن وعي أو غير وعي – العدو وتمنحه ما عجز عن تحقيقه بوسائل اخرى .

إنّ التأكيد على هذا الطرح ، ودوافعنا للكتابة بخصوص هذا الموضوع بالذات لا تنطلق من الرغبة في إسكات الاصوات أو مصادرة الآراء ، ولم تأتِ من فراغ ولا بدافع التنظير ، وإنما فرضتها علينا حالة من التجاذبات والنقاشات الدائرة هذه الأيام حول بعض المراحل التاريخية من مقاومتنا ومسيرتنا الوطنية من أجل الوجود والكرامة . نقاشات مهما كانت نوايا أصحابها نرى بانها غير مُجدية في شكلها ولا في مضمونها ، وليست في وقتها ولا في ظروفها المناسبة، ولا تعود بأي نفع على القضية ولا على وحدة الصف ، وخاصة في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية لقضيتنا الوطنية . وعادة ما تكون عرضة للتأويل الخاطئ ، وسوء الفهم ، والاستغلال السلبي. وقد تؤدي بنا إلى الانزلاق نحو نقاشات جانبية تُبعدنا عن جوهر المعركة الحقيقية ، في وقت يتطلب منا التركيز الكامل على مواجهة مؤامرات الاحتلال المغربي وحلفائه، وتحصين جبهتنا الداخلية من كل ما قد يُضعفها. والانتباه إلى خطورة ما يواجهه شعبنا من تحديات مصيرية، في ظل ما تُحاك ضدّ قضيتنا العادلة من مؤامرات متعددة الأوجه هذه الأيام ، يقودها الاحتلال المغربي وحلفاؤه .

إن المرحلة الراهنة لا تحتمل العودة إلى نقطة البداية ، وتفرض علينا التمييز بين ما يجب تأجيله وما لا يحتمل التأجيل ، وتتطلب منا تفكيرا استراتيجيا جماعيا، يضع مصلحة القضية فوق كل اعتبار ، ويبحث في صيغ مبتكرة وفعالة لمواجهة الاحتلال ، على مستوى كل الجبهات، مع تعزيز مناعة الجبهة الداخلية . وفي هذا السياق ، يصبح استحضار البعد القيمي والوطني أمرا جوهريا. وتبرز ضرورة أخلاقية ووطنية ملحّة تفرض نفسها بإلحاح . ضرورة تجاوز الخلافات الثانوية، والارتقاء بالوعي الجمعي إلى مستوى المرحلة، والتركيز على التفكير الجاد في آليات وصيغ المواجهة الشاملة .

وعليه، فإننا مدعوون اليوم إلى وقف هذه التجاذبات العقيمة ، وتوجيه طاقاتنا نحو ما يوحد ولا يفرق صفوفنا ، وما يبني ولا يهدم امالنا واحلامنا ، وان نستحضر جميعًا بأن الحياة قصيرة، وبان الماضي لن يعود أبدا ، وأن ما سيبقى لنا في سجل تاريخنا ليس كثرة الجدل ، بل صدق نوايانا ، ونبل مواقفنا ، وإخلاصنا في خدمة قضيتنا الوطنية العادلة التي لا تحتمل العبث ولا التشرذم . وبأن التاريخ لن يخلّد إلا الذين ارتقوا فوق ذواتهم ، وانتصروا لشعبهم ولقضيتهم ، وهم يدركون أن الدنيا زائلة ، وأن الباقي حقًا هو ما نقدمه من خير ، وما نحمله من إخلاص ، وما نزرعه من أمل في طريق الحرية . وبان الحياة في حقيقتها هي رحلة قصيرة مهما طالت أعمارنا ، وبان الموت آتٍ لا محالة ، لا يستأذن أحدا ولا يُمهل أحدا. وحين يقف الإنسان بين يدي ربه غدا لا ينفعه إلا ما قدّم من أعمال صالحة ، وما حمله من نوايا صادقة .

وختاما … كونوا على يقين تام بان أية نية غير صادقة اتجاه هذا الشعب البريء ، المظلوم ، وبأن كل كلمة تزرع الفرقة بين صفوفه ، وكل موقف يؤجّج الانقسام في نسيجه الاجتماعي ووحدته . قضايا سيُسأل عنها صاحبها ، وسيحاسب عليها يوم لا ينفع مال ولا جاه ولا بنون .

مزيد من الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *