تكتيكات جيش التحرير الشعبي الصحراوي وبسالته تصنع الفارق.

لقد سطّر جيش التحرير الشعبي الصحراوي البطل تاريخا ميدانيا لازالت قصص تلك الملاحم النوعية وحكاياتها تروى عبر عبر الاجيال، فرغم قلة العدد، وبساطة العدة ، لن يستطيع اي جيش واجهه هزيمته ، مهما سخر تلك الجيش من امكانيات .

ان جيش،التحرير الشعبي الصحراوي كان ولا زال جيشاً في صورة معجزة باهرة ونادرة الحدوث، أو كان ولازال إعصارا جاء على شكل بشر خرج من رمال الصحراء ليقاتل قتالا اسطوريا من أجل تحرير مكان مقدس اسمه الساقية الحمراء ووادي الذهب.

لقد حقق جيش التحرير الشعبي الصحراوي انتصارات ميدانية على المعتدين الظالمين بشهادة التاريخ قبل العباد.

ان عظمة معجزة الجيش الصحراوي المكون من عدة آلاف فقط، ومع مقارعة جيش يتكون من اكثر من 200 ألف جندي مغربي مدعوما من طرف اقوى جيوش العالم ، وينتصر عليه ويجعله مسخرة أمام كاميرات صحافة العالم. كان منظر الجنود المغاربة الأسرى بالآلاف، جالسين على الأرض، في صفوف ينتهي فيها البصر، أمام عتادهم المغنوم جاهزا، هي صورة جعلت العالم في سبعينات وثمانينات القرن الماضي يبتلع ريقه دهشة ويسيل عرقه. كانت تلك الصور هي أشهر صور بثتها شاشات تلفزيونات العالم في نهاية السبعينات والثمانينات ولازالت حاضرة في الأذهان.

فالملك المغربي الذي قال، في البداية، أن جيشه يقوم بنزهة فقط في الصحراء الغربية تجرع من الهزائم والنكسات ما لم يتجرعه قائد أو زعيم في التاريخ. كان يرى على شاشات التلفزيون الفرنسي جنوده أسرى بالمئات وقتلى بالآلاف وعتاده مغنوما او محروقا فيحس أنه أنهزم حقيقة وأن تلك النزهة تحولت إلى كابوس.

لم يعرف التاريخ، قديمه وحديثه، جيشا استطاع أن يصنع من الملاحم ويرفع من أعلام النصر مثل جيش التحرير الشعبي الصحراوي. شهادة للتاريخ، أنه كان أقوى وأشجع جيش في العالم على مر العصور. ولازال، فهذا الجيش غير المتدرب وغير المجهّز، بالاسلحة المتطورة على غرار غيره والذي تكَّون على عجل من رجال يمتشقون السلاح أول مرة في حياتهم، بدون دراية مسبقة بالقتال، وبدون معدات، استطاع أن يُدهش العالم خلال سنوات الحرب في نسختها الاولى، والتي قارع فيها ضد الجيش المغربي ببسالة لم يسمع بها أو يقرأ عنها أحد من قبل. لقد تمكن جيش التحرير الشعب الصحراوي المغوار من رفع علم الانتصار في كل المعارك التي خاضها ضد الجيش المغربي، ولم يخسر ولا واحدة. والذي أبهر العالم أكثر عكس الجيش المغربي الضخم، والمجهز بالأسلحة وبالخبراء الأجانب وبالأموال، والذي وقفت إلى جانبه كل الجيوش الكبيرة في العالم، والذي كان يُعتبر من أقوى الجيوش العربية والافريقية، انهزم بسهولة أمام الجيش الصحراوي القليل العدد، الخفيف المتحرك الديناميكي، الذي يستعمل عناصره سيارات لاندروفر والتيوتا لاحقا والاسلحة الخفيفة. في كل المواقع التي كان الجيش الصحراوي يهاجمها كان يعود منها منتصرا غانما مستحوذا على كل ما كان في تلك المواقع من عتاد وبشر. نجاح الجيش الصحراوي في معاركه الكبيرة وغاراته الدقيقة المتمكنة جعلت أقمار اسرائيل والولايات المتحدة الفضائية تُسلط كاميراتها على الأماكن التي تحدث فيها تلك المعارك في الصحراء الغربية للاستفادة منها ودراستها والحديث عنها في الموسوعات العسكرية. حوالي 90 دولة شاركت إلى جانب الجيش المغربي في الحرب للقضاء على الجيش الصحراوي القليل العدد والقوي بمهارته وشجاعة مقاتليه واصراره وقناعاته. بعض هذه الدول دعّم الجيش المغربي بالسلاح، البعض بالأموال والبعض بالمحروقات والبعض بالطائرات والاقمار الصناعية، والبعض كان يدفع أجور الجنود المغاربة والبعض دعم بالخبراء، وهناك دول دعمت بالجرافات لبناء الاحزمة الدفاعية المغربية.

فملاحم مثل الوركزيز، قلتة زمور، طانطان، المحبس، بئر انزران، لمسائل، رأس الخنفرة، ام الدكن، العايديات إلخ. هي ملاحم لا يمكن مقارنتها إلا مع معارك الحربين العالميتين مع فارق في العدد: معارك الحربين العالميتين كانت تقع بين جيوش من مئات الآلاف من الجنود ولها عتاد لا يُعد ولا يُحصى، بينما كان عدد المقاتلين الصحراويين الذين كتبوا النصر في ملاحمهم تلك لا يتعدى ألفين مقاتل أو ثلاثة كأقصى تقدير. فحين تقرأ تاريخ معارك الحربين العالميتين تجد، أحيانا، أن القتلى في بعض هذه المعارك وصل إلى 2000 جندي، وهو عدد قليل مقارنة بالمشاركين فيها. لكن إذا علمت أن جيش التحرير الشعبي الصحراوي كان يخوض المعركة الواحدة ويقضي فيها على 3000 جندي مثلما حدث في الوركزيز وقلتة زمور، لا يمكنك إلا أن تقول إن الجيش الصحراوي كان ولازال أعظم جيش عرفه التاريخ. فالضربات المتمكنة، القاصمة، السريعة والمفاجئة جعلت جيش الاحتلال المغربي يقتنع أن أولئك المقاتلين كانوا يخرجون من الأرض على شكل إعصار فيدمرون ويأسرون ثم ينسحبون تاركين وراءهم الدخان والحرائق. حسب شهادات الجنود المغاربة الذين كان يتم أسرهم بالمئات، كانوا يقولون إنهم مقتنعين تماما إن المقاتلين الصحراويين هم أعاصير تخرج من الرمال أو شياطين تتفتق عنها الأرض لتشتت أي موقع تهجم عليه.

عندما ينتابك التساؤل عن اي ملاحم وانتصارات جيش التحرير الشعبي الصحراوي اعظم لا نعرف، في الحقيقة، من أين نبدأ ولا أين نتوقف. حين تسأل المقاتلين الذين شاركوا في تلك الملاحم عن أيها أهم لنكتب عنه أولا تجدهم يختلفون. يقول لك البعض أن الوركزيز هي أعظم عملية خاضها الجيش الصحراوي، ويستدل بذلك قائلا لك ألم تسمع: ” الاَّ جبال الوركزيز عادت مقبرة للغزاة.” لكن، في نفس الوقت، يقول لك البعض الآخر أن أعظم معركة تاريخية هي ملحمة القلتة، ثم قد تجد من يقول لك ان عملية لمسايل هي أكبر عملية، ويقول لك ألم تسمع: “

يالجيش الشعبي ذاك *** ذاك زين هجومك بالفاصائل

ظلوا لمسايل سائلين *** من دم العدو الصائل.”

وتجد من يقول لك أن عملية أم الدكن كانت عظيمة أيضا، ويستدل بالقول:

” في أم الدكن ياحلال بي*** لبطال أهل العزيمة

جابو عقيد كبير حي وقضاوا على راجيمة

وتجد من يقول لك أن عملية الطنطان كانت رائعة، وان الناس كانت تغني في الطانطان ذاتها الأغنية التي تقول:

قامو الثوار بإغارة احتلو الطانطان يومين

هذا تاريخ من ثارا هذا تاريخ حك زين

هذا الاختلاف حول أي ملاحم جيش التحرير الشعبي الصحراوي هي الأعظم يجعل الباحث يقف على نتيجة وهي أن كل الملاحم كانت عظيمة ورائعة، وكانت معجزة، وأن ما حدث فيها من هزيمة للغزاة لا يمكن تصوره ولا وصفه.

وفي آخر تحديث عن بطولات جيش التحرير الشعبي الصحراوي التي يخوضها ضد جيش الاحتلال المغربي، تؤكد بلاغات المحافظة السياسية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي، أن جيش الاحتلال المغربي يختنق، ويصرخ من شدة الأنين والوجع الذي يتلقاه على طول جدار الذل والعار منذ استئناف الكفاح المسلح بعد خرق جيش الاحتلال لاتفاق وقف اطلاق النار نوفمبر 2020.

حقا ! مسيرة ميدانية فريدة وتستحق منا جميعا التأمل.

مزيد من الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *