المؤتمر الحادي عشر للشبيبة الصحراوية: محطة سياسية تنظيمية بحاجة للمرافقة والتوجيه

بقلم : موسى سلمى وزير الثقافة.

الجزء الاول

الظرفية السياسية والتنظيمية الراهنة التي سينعقد فيها المؤتمر الحادي عشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب، والدور التاريخي للمنظمة.

في البداية من الهام الإشارة إلى انه لا يمكن التطرق بإسهاب إلى الظرفية السياسية والتنظيمية الراهنة التي ينعقد فيها المؤتمر الحادي عشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب ، ولا إلى الدور التاريخي العميق الذي اضطلعت به هذه المنظمة منذ تأسيسها، وذلك بحكم ضيق المساحة المخصصة لهذا المقال ، وعليه سنكتفي في هذه الورقة بوقفة موجزة وملخصة تضع القارئ والمهتم في الصورة العامة حول هذين المحورين ، دون الدخول في التفاصيل .
أولا / الظرفية السياسية والتنظيمية الراهنة :
ينعقد المؤتمر الحادي عشر لاتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب في ظرفية إقليمية ودولية بالغة التعقيد على المستويين السياسي والتنظيمي ، تفرض تحديات كبيرة على كافة مكونات الحركة الوطنية الصحراوية، وعلى رأسها فئة الشباب باعتبارها العمود الفقري للصمود والمقاومة ضمن المشروع الوطني الصحراوي .
فمن الناحية السياسية، يعيش الشعب الصحراوي مرحلة دقيقة تتسم بتعثر مسار التسوية الأممي نتيجة تعنت الاحتلال المغربي، وتجاهله لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال ، وتكالب القوى الاستعمارية القديمة الجديدة حفاظا على مصالحها الاقتصادية ونفوذها في المنطقة ، وازدواجية مواقف القوى الدولية الكبرى والتي جعلت مسار تقرير المصير يعيش حالة من الجمود ، رغم الحراك الدولي المتجدد وتنامي الوعي العالمي بعدالة القضية الصحراوية ، خاصة في إفريقيا ، اوروبا وأمريكا اللاتينية، إلى جانب التحولات الجيوسياسية الدولية التي من شانها إعادت او رد الاعتبار لقضايا التحرر الوطني في العالم .
كما تتسم المرحلة بتجدد المقاومة الوطنية المسلحة منذ خرق الاحتلال المغربي لاتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2020، الأمر الذي أعاد للقضية الصحراوية زخمها على المستوى الميداني والسياسي ، وفرض على الشباب الصحراوي تحمّل مسؤوليات جسام في مختلف الجبهات وعلى رأسها جبهات القتال ،الإعلام والثقافة والدبلوماسية .
أما على المستوى التنظيمي، فيأتي المؤتمر في سياق الحاجة الملحة لإعادة تقييم التجربة السابقة للاتحاد، وضخ دماء جديدة في هياكله القيادية، وتعزيز حضوره الدولي ، وفي مختلف مواقع الفعل الوطني، سواء في مخيمات اللاجئين أو في الأراضي المحتلة أو في المهجر. والحاجة لتطوير برامج تأطير الشباب وتوجيه طاقاتهم نحو خدمة أهداف التحرر الوطني، وربط نضالاتهم بالقضية الوطنية الصحراوية .

ثانيا / الدور التاريخي للاتحاد وإسهاماته خلال المراحل المختلفة لمقاومة الشعب الصحراوي :

منذ تأسيسه بشكله الحالي كمنظمة جماهيرية في 28 أكتوبر 1984، مثل اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب إحدى الدعائم الأساسية للمشروع الوطني الصحراوي، وشكل مدرسة نضالية رائدة، ساهمت في تأطير أجيال متعاقبة من الشباب الصحراوي وفضاءً نضاليا فاعلا حمل على عاتقه مسؤولية تأطير الشباب، وتوجيه طاقتهم نحو خدمة القضية الوطنية ، وترك بصمته الواضحة في مسار المقاومة الوطنية الصحراوية من خلال إسهامات نوعية يمكن إيجازها فيما يلي :
1/ التأطير ، التربية والتكوين والعمل السياسي :
• لعب الاتحاد دوراً محورياً في تربية أجيال من الشباب على قيم الوطنية، التضحية، والانضباط ، والإيمان بعدالة القضية ، وساهم في ترسيخ الوعي الوطني لديهم ، وربطهم بالقيم النضالية للجبهة ، بما يضمن استمرارية الفعل المقاوم.
• نظم الاتحاد العديد من البرامج التكوينية في القيادة ، الإعلام ، الثقافة السياسية ، التنشيط والتطوع ، وساهم
كمدرسة سياسية للجبهة في إعداد وتأهيل أجيال من الشباب الذين أصبحوا كوادر وقيادات وطنية في ميادين السياسة، الجيش، الدبلوماسية، التعليم والإدارة .
2/ العمل الاجتماعي ، التضامني والتنظيمي :
• قاد الاتحاد مبادرات واسعة في المخيمات ، في مجالات التعليم، التكوين، الصحة، الثقافة، والرياضة والعمل التطوعي ، وساهم في صيانة النسيج الاجتماعي الصحراوي عبر حملات التحسيس والتثقيف، وتعبئة وتوجيه الشباب ، مما جعله رافعة أساسية في صمود الشعب الصحراوي.
• لعب دورًا مهمًا في تعزيز الوحدة الوطنية وتحصين الشباب من محاولات الاحتلال المغربي لاختراق الصف الوطني.
• لعب دورًا بارزًا في مواكبة ظروف الحرب والسلم، حيث كان للشباب نصيب وافر في الدفاع العسكري والإسناد المدني .
3/ الحضور الدولي والدبلوماسي :
• مثّل الاتحاد صوت الشباب والشعب الصحراوي في المنابر الدولية، عبر الانخراط في العديد من المنظمات والهيئات الشبانية العالمية ، الإفريقية الاوروبية والعربية وعلى مستوى أمريكا الاتينية .
• نجح في بناء شبكات تضامن واسعة مع قوى تقدمية ومنظمات شبابية حول العالم، مما ساهم في كسر التعتيم الذي يسعى الاحتلال إلى فرضه على القضية الصحراوية .
• كان رائدًا في الدبلوماسية الشعبية، من خلال إرسال وفود شبابية إلى مختلف القارات للتعريف بعدالة القضية الصحراوية .
4/المقاومة السلمية والإعلامية والثقافية :
• ساهمت الشبيبة في دعم الانتفاضة السلمية في الأراضي المحتلة، من خلال حملات التضامن والدعاية السياسية ، وتوثيق الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان ، وإيصال صوت المقاومة المدنية الصحراوية إلى الرأي العام الدولي.
• عمل على إحياء الثقافة الصحراوية وصون التراث الوطني من خلال المهرجانات، المسابقات، والأنشطة الفنية.
• استثمر في التكوين الإعلامي والثقافي للشباب، ما مكّنهم من أن يكونوا فاعلين في المعركة الإعلامية ضد الاحتلال المغربي .

وكخلاصة فقد أثبتت منظمة اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب، منذ تأسيسها إلى اليوم بانها ركيزة وطنية استراتيجية ومدرسة لإعداد الأجيال وصقل الطاقات، ورافعة نضالية متعددة الأبعاد: سياسية، دبلوماسية، اجتماعية، ثقافية وتربوية. وبفضل أدوارها المتعددة شكلت الحلقة الأساسية لاستمرار الفعل الوطني المقاوم وفضاء لتجديد العهد والعطاء جيلاً بعد جيل ، رغم التحديات والصعوبات التي واجهتها خلال أربعة عقود من عملها كمنظمة شبانية جماهيرية مطالبة بان تكون وتبقى طلائعية ورائدة في الفكر والإبداع والتضحية العطاء . وهو ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذه السلسلة التي باشرناها التزاما منا بمرافقة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحادي عشر للاتحاد .

مزيد من الاخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *